كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{واهدنا إلى سواء الصراط} أي إلى قصد السبيل وقال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} بغير إلى والعرب تحذف حرف الخفض مما يتعدى إلى مفعولين كما قال الشاعر:
ومنا الذي اختير الرجال سماحة ** وبرا إذا هب الرياح الزعازع

وقيل معنى اهدنا الصراط أعلمنا الصراط ومعنى اهدنا إلى الصراط ارشدنا إلى الصراط.
ثم قال عز وجل {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} [آية 23] قال وهب: {إن هذا أخي} أي على ديني {له تسع وتسعون نعجة} والعرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة كما قال الشاعر:
فرميت غفلة عينه عن شاته ** فاصبت حبة قلبها وطحالها

وفي قراءة ابن مسعود: {إن هذا أخي كان له تسع وتسعون نعجة أنثى} وكان هاهنا مثل قوله: {وكان الله غفورا رحيما} فاما قوله أنثى فقيل هو على جهة التوكيد وقيل لما كان يقال هذه مائة نعجة وإن كان فيها من الذكور شئ يسير جاز أن يقال أنثى ليعلم أنه لاذكر فيها.
ثم قال جل وعز: {ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} [آية 23] قد جاءت أخبار وقصص في أمر داود صلى الله عليه وسلم وأوريا وأكثرها لا يصح ولا يتصل إسناده ولا ينبغي أن يجترأ على مثلها إلا بعد المعرفة بصحتها وأصح ما روي في ذلك ما رواه مسروق عن عبد الله بن مسعود قال ما زاد داود صلى الله عليه وسلم على أن قال أكفلنيها أي انزل لي عنها وروى المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ما زاد داود على أن قال أكفلنيها أي تحول لي عنها وضمها.
إلي قال أبو جعفر فهذا أجل ما روي في هذا.
والمعنى عليه أن داود عليه السلام سأل أو ريا أن يطلق له امرأته كما يسأل الرجل الرجل أن يبيعه جاريته فنبهه الله جل وعز على ذلك وعاتبه لما كان نبيا وكان له تسع وتسعون أنكر عليه أن يتشاغل بالدنيا وبالتزيد قبل منها فأما غير هذا فلا ينبغي الاجتراء عليه ومعنى أكفلنيها إنزل لي عنها واجعلني كافلها قال الضحاك {وعزني في الخطاب} أي قهرني وفي قراءة عبد الله {وعازني} .
قال أبو جعفر يقال عازه أي غالبه وعزه أي غلبه قال الحسن أي قهره في المحاورة قال أبو جعفر ومنه قولهم من عز بز ومنه قول زهير: فعزته يداه وكاهله.
ثم قال جل وعز: {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} [آية 24] المعنى بسؤاله نعجتك كما قال تعالى {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} ومعنى إلى نعاجه أي مضمومة إلى نعاجه {وإن كثيرا من الخلطاء} أي الشركاء والخليط الشريك.
ثم قال جل وعز: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} [آية 24] أي ايقن وقرأ قتادة {أنما فتناه} بتخفيف النون يعني الملكين وقال معناه صمدا له {فاستغفر ربه وخر راكعا} قال أبو الأحوص والحسن خر ساجدا وقال مجاهد سجد أربعين يوما من قبل أن يسأل ربه.
شيئا قال سفيان يروى انها قام أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لصلاة أو حاجة لابد منها قال قتادة {وأناب} أي تاب.
وقوله جل وعز: {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} [آية 25] قال الضحاك {لزلفى} أي منزلة رفيعة قال أبو جعفر الزلفى في اللغة القربة ومنه قوله تعالى: {وأزلفنا ثم الآخرين} ومنه قوله:
مر الليالي زلفا فزلفا ** سماوة الهلال حتى احقوقفا

أي ساعة تقرب من أخرى ثم قال: {وحسن مآب} قال الضحاك أي وحسن مرجع.
ثم قال جل وعز: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} [آية 26] يقال إنه من هذا جاز أن يقال خلفاء.
وقوله جل وعز: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} [آية 26] {بما نسوا يوم الحساب} أي تركوا العمل له وكانوا ناسين له هذا مذهب السدي وقال عكرمة هذا من التقديم والتأخير أي لهم يوم الحساب عذاب شديد {بما نسوا} أي بما تركوا أمر الله عز وجل والقضاء بالعدل.
ثم قال جل وعز: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا} [آية 27] أي لما قالوا إنه لاحساب ولا جنة ولا نار قيل لهم هذا ثم قال جل وعز: {فويل للذين كفروا من النار} [آية 27] فأخبر أنه يعذبهم على ذلك.
وقوله جل وعز: {كتاب أنزلناه إليك مبارك} [آية 29] على إضمار هذا.
ثم قال تعالى: {ليدبروا آياته} أي ليفكروا في عواقب ما يكون منه {وليتذكر أولوا الألباب} أي العقول.
وقوله جل وعز: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} [آية 30] فيه سبعة أقوال:
أ- قال ابن المسيب الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب.
ب- وقال سعيد بن جبير الأواب المسبح.
ج- وقال قتادة المطيع.
د- وقال عبيد بن عمير الذي يذكر ذنبه في الخلاء فيستغفر منه.
هـ- ووقيل الراحم.
و- وقيل التائب.
ز- وقال أهل اللغة الرجاع الذي يرجع إلى التوبة.
وقوله جل وعز: {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} [آية 31] قال مجاهد {الصافنات} من الخيل التي ترفع إحدى يديها وتقف على ثلاث وقال الفراء الصافن القائم وهذا المعروف في كلام العرب.
قال مجاهد الجياد السراع.
وقوله جل وعز: {فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي} [آية 32] قال الفراء الخير في كلام العرب والخيل واحد قال أبو جعفر في الحديث الشريف «الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» فكأنها سميت خيرا لهذا وفي الحديث لما وفد زيد الخيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له «أنت زيد الخير»، وهو زيد بن مهلهل الشاعر قال الفراء المعنى إني آثرت حب الخير قال أبو جعفر أحسن ما قيل في هذا إن المعنى إني أحببت حب الخير حبا فالهاني يحيى عن ذكر ربي قال قتادة عن صلاة العصر.
ثم قال جل وعز: {حتى توارت بالحجاب} [آية 32] في معناه قولان: أحدهما أن المعنى حتى توارث الشمس وانه قد عرف معنى الضمير كما قال:
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي ** ألا ليتني افديك منها وأفتدي

أي منها يعني من الفلاة ولم يجر لها ذكر.
قال أبو إسحاق لما قال بالعشي كان المعنى بعد زوال الشمس فجئ بالضمير على هذا وروى أبو اسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال الصلاة التي فرط فيها سليمان صلاة العصر وقيل حتى توارت بالحجاب يعني الخيل وروى سعيد بن مسروق عن عكرمة قال كانت الخيل التي شغل بها سليمان عشرين ألف فرس فقطعها.
وقوله جل وعز: {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق} [آية 33] قال الحسن في قوله تعالى {فطفق مسحا بالسوق والأعناق} فقطع أسوقها وأعناقها فأبدله الله جل وعز مكانها خيرا منها وقيل معنى {فطفق مسحا} اقبل يمسحها بيده من غير قتل كما روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال يقول: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبا لها.
ومن قال قتلها فذلك على أنه ذكاة أو أنه أبيح ذلك كما روي عن عبد الله بن عمر أنه أعجبه غلام فأعتقه.
وقوله جل وعز: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم اناب} [آية 34] قد رويت في ذلك أخبار:
أ- منها أن شيطانا غلب على ملكه أياما.
ب- ومنها أن الشياطين قتلت ابنه خوفا من أن يملكهم بعده والقته على كرسيه والله اعلم بما كان من ذلك والكلام يوجب أنه أزيل ملكه فجلس آخر على كرسيه.
وقوله جل وعز: {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} [آية 35] أي اعطني فضيلة ومنزلة كما قال إبراهيم: {رب أرني كيف تحيي الموتى}.
وقوله جل وعز: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب} [آية 36] قال قتادة الرخاء اللينة قال الحسن الرخاء ليست بعاصفة ولا هينة بين ذلك وروى علي بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {رخاء حيث أصاب} قال مطيعة حيث أراد حكى الأصمعي أصاب الصواب فأخطأ الجواب أي أراد الصواب وحقيقته في اللغة أنه بمعنى قصد من قولهم أصبت أي قصدت فلم تخطئ.
ثم قال جل وعز: {والشياطين كل بناء وغواص} [آية 37] أي من يبني له المحاريب والتماثيل ومن يغوص في البحر فيخرج الحلية.
وقوله جل وعز: {وآخرين مقرنين في الأصفاد} [آية 38] قال قتادة أي في الأغلال قال أبو جعفر يقال صفدت الرجل إذا شددته وأصفدته أعطيته.
ثم قال جل وعز: {هذا عطاؤنا أو أمسك بغير حساب} [آية 39].
قال الحسن والضحاك {هذا عطاؤنا} الملك فأعط وامنع وقال قتادة هؤلاء الشياطين فاحبس من شئت وسرح من شئت وعن ابن عباس كان له ثلاثمائة امرأة وتسعمائة سرية هذا عطاؤنا قال أبو جعفر وأولاها الأول لأن الأول مشتمل على كل ما أعطي وهو عقيب تلك الأشياء.
وروى سفيان عن ابيه عن عكرمة عن ابن عباس {فامنن} أي أعط أو أمسك بغير حساب أي أمسك فليس عليك حساب وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {بغير حساب} أي بغير حرج.
وقال الحسن ليس أحد ينعم عليه بنعمة إلا وهو يحاسب عليها إلا سليمان ثم قرأ هذا عطاؤنا أي بغير نقتير ويجوز أن يكون بمعنى لا يحاسب عليه.
ثم قال جل وعز: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} [آية 40] قال قتادة أي حسن مصير.
ثم قال جل وعز: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} [آية 41].
ويروى عن الحسن والجحدري وأبي جعفر {بنصب} بفتح النون والصاد وهما عند أكثر أهل اللغة بمعنى واحد كما يقال حزن وحزن إلا أن القتبي حكى أن أبا عبيدة قال النصب الشر والنصب الإعياء قال أبو جعفر يقال أنصبه ينصبه إذا عذبه وآذاه ومنه: كليني لهم يا أميمة ناصب قال أبو جعفر وأحسن ما قيل في معنى {أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} ما رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس قال لما أصاب أيوب صلى الله عليه وسلم البلاء أخذ إبليس تابوتا وقعد على الطريق يداوي الناس فجاءته امرأة أيوب فقالت أتداوي روى رجلا به علة كذا وكذا فقال نعم بشرط واحد على أني إذا شفيته قال لي أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غير هذا فجاءت امرأة أيوب إلى ايوب فأخبرته فقال لها ذاك الشيطان والله لئن برأت لأضربنك مائة فلما برأ أخذ شمراخا فيه مائة فضربها به ضربة قال أبو جعفر فمعنى النصب على هذا هو ما ألقاه إليه أي يكون شيئا وسوس به.
فأما قول من قال إن النصب ما أصابه في بدنه والعذاب ما أصابه في ماله فبعيد قال مجاهد عن ابن عباس ضربها بالأسل قال قتادة أخذ عودا فيه تسعة وتسعون عودا وهو تمام المائة فضربها به قال مجاهد هذا له خاص وقال عطاء هذا لجميع الناس قال أبو جعفر البين من هذا أنه خاص لأنه قال: {ولا تحنث} فأسقط عنه الحنث وقال الله جل وعز: {فاجلدوهم ثمانين جلدة} ومن جلد بشمراخ فيه مائة فإنما جلد جلدة واحدة.
وقوله جل وعز: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} [آية 45].
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {أولي الأيدي} قال القوة والعبادة والأبصار قال الفقه في دين الله جل وعز قال أبو جعفر واحد الأيدي يد واليد تقع للقوة وفي قراءة عبد الله بن مسعود {أولي الأيد} بلا ياء.
وهذا بين من قولهم أيده إذا قواه.
ثم قال جل وعز: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} [آية 46] قال قتادة أي يذكرون بالآخرة وبطاعة الله جل وعز قال أبو جعفر وهذا قول بين أي إنهم يزهدون في الدنيا ويرغبون في الآخرة وكذا الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وقال الضحاك أي بخوف الآخرة قال أبو جعفر والمعنى على هذا القول أنهم يذكرون الآخرة ويرغبون فيها ويزهدون في الدنيا.
وهذا القول ظاهر معنى الكلمة وقد يكون من صفتهم أيضا الترغيب في الآخرة وهذان التأويلان على قراءة من قرأ بالتنوين ومن أضاف قال معناه أخلصناهم بافضل ما في الآخرة هذا قول ابن زيد والمعنى على هذا القول أنهم يذكرون بالآخرة ويرغبون فيها ويزهدون في الدنيا وفي القراءة بالإضافة قول آخر وهو قول مجاهد يكون المعنى إنا أخلصناهم بأن ذكرنا الجنة لهم.
ثم قال جل وعز: {وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار} [آية 47] أي هم مصطفون من الذنوب والأدناس.
وقوله جل وعز: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفيل وكل من الأخيار} [آية 48] قال الأشعري قيل ذو الكفل لأنه كفل بعمل رجل صالح كان يصلي في كل يوم مائة صلاة فاثنى الله جل وعز عليه بحسن كفالته ولم يكن نبيا وقيل كفل لبعض الملوك بالجنة وكتب له كتابا بذلك والكفل في اللغة النصيب والحظ.
وقوله جل وعز: {هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب} [آية 49] {هذا ذكر} أي شرف وذكر حسن في الدنيا ثم قال: {وإن للمتقين لحسن مآب} أي لهم مع الذكر الحسن في الدنيا حسن مرجع في الآخرة.
ثم بين ذلك فقال: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} [آية 50] أي أبوابها.
وقوله جل وعز: {وعندهم قاصرات الطرف أتراب} [آية 52] روى سعيد عن قتادة قال قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم قال أبو جعفر وانشد أهل اللغة:
من القاصرات الطرف لو دب محول ** من الذر فوق الأتب منها لأثرا

الإتب الجلد ثم قال تعالى: {أتراب} قال قتادة على سن واحدة قال مجاهد أي أمثال وحكى السدي متواخيات لا يتعادين ولا يتغايرن.
وقوله جل وعز: {إن هذا لرزقنا ماله من نفاد} [آية 54] أي انقطاع.
قال السدي كلما أخذ منه شئ عاد مثله.
وقوله جل وعز: {هذا فليذوقوه حميم وغساق} [آية 57] يجوز أن يكون المعنى هذا حميم وغساق فليذوقوه ويجوز أن يكون المعنى هذا فليذوقوه منه حميم ومنه غساق كما قال الشاعر:
لها متاع وأعوان غدون لها ** قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا

قال قتادة كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين الجلد واللحم قال الفراء وهو مذهب الضحاك قيل الغساق شئ بارد يحرق كما يحرق الحميم قال أبو جعفر قول قتادة أولى لأنه يقال غسقت عينه إذا سالت وقال ابن زيد الحميم دموع أعينهم يجمع في حياض النار يسقونه والغساق الصديد الذي يخرج من جلودهم والاختيار على ذلك {غساق} حتى يكون مثل سيال.
ثم قال جل وعز: {وآخر من شكله أزواج} [آية 58].
وقرأ مجاهد وأبو عمرو بن العلاء {واخر من شكله} وأنكر أبو عمرو {آخر} لقوله: {أزواج} أي لا يخبر عن واحد بجماعة وأنكر عاصم الجحدري {وأخر} قال ولو كانت وأخر لكان من شكلها قال أبو جعفر كلا الردين لا يلزم لأنه إذا قرأ وأخر من شكله جاز أن يكون المعنى وأخر من شكل ما ذكرنا وأخر من شكل الحميم وأخر من شكل الغساق.
وأن يكون المعنى وأخر من شكل الجميع ومن قرأ وآخر من شكله فقراءته حسنة لأن المعنى للفعل وإذا كان المعنى للفعل خبر عن الواحد باثنين وجماعة كما تقول عذاب فلان ضربان وعذابه ضروب شتى ويجوز أن يكون أزواج لحميم وغساق وآخر قال قتادة من شكله من نحوه قال يعقوب الشكل المثل والشكل الدل قال عبد الله بن مسعود وآخر من شكله أزواج الزمهرير حدثنا محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي رجاء عن الحسن في قوله أزواج قال ألوان من العذاب.
ثم قال جل وعز: {هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار} [آية 59] {هذا فوج} أي جماعة وفرقة {مقتحم معكم} أي شئ بعد شئ {لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار} لا مرحبا بمعنى لا أصبت رحبا أي سعة بمعنى لا اتسعت منازلهم في النار الفراء يذهب إلى أن الكلام معترض وأن المعنى قالوا لا مرحبا بهم.
وقوله جل وعز: {قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار} [آية 61] قال عبد الله بن مسعود يعني الحيات والأفاعي.
ثم قال جل وعز: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا} [آية 63 62] ويقرأ أتخذناهم على الاستفهام وفي القراءة الأولى قولان: أحدهما وهو قول الفراء أنها على التوبيخ والتعجب قال والعرب تأتي بالاستفهام في التوبيخ والتعجب ولا تأتي به والقول الآخر وهو قول أبي حاتم أن المعنى وقالوا ما لنا لا نرى رجالا اتخذناهم سخريا يجعله نعتا للرجال.
ومعنى سخري وسخري بين عند أكثر أهل اللغة واحد إلا أبا عمرو فإنه زعم أن سخريا يسخرون منهم وسخريا يسخرونهم ويستذلونهم.
ثم قال جل وعز: {أم زاغت عنهم الأبصار} [آية 63] روى ليث عن مجاهد وقالوا ما لنا لا نرى رجالا قال قال أبو جهل والوليد بن المغيرة ما لنا لا نرى رجالا؟ قال قالوا أين سلمان أي خباب أين بلال أين عمار وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أتخذناهم سخريا فأخطأنا أمرهم في النار فزاغت أبصارنا عنهم.
قال أبو جعفر وهذا قول حسن لأن أم للتسوية فصار المعنى على قوله أأخطأنا حديث أم لم نخطئ وقيل هي بمعنى {بل} والقراءة بوصل الألف بينة حسنة.